في يوم الجمعة السوداء حققت المواقع المبنية على منصة شوبيفاي مبيعات تجاوزت قيمتها مليار و500 مليون دولار أمريكي، بمعدل مبيعات بقيمة مليون دولار في الدقيقة الواحدة و10 آلاف أوردر.
ساعدت منصة شوبيفاي الكثير من الشركات ورواد الأعمال على دخول مجال التجارة الإلكترونية بسهولة من خلال جمع الأدوات التي يحتاجها أي متجر الكتروني للعمل بكفائة في مكان واحد، وصار بإمكان أي شخص عمل متجر الكتروني حقيقي والبدء ببيع المنتجات خلال ربع ساعة فقط، والأقوى من ذلك أنه بإمكانك أن تبدأ متجراً الكترونياً حتى لو لم يكن لديك أي منتج لتبيعه، وذلك من خلال العمل عبر نموذج (Drop shipping) مباشرة من خلال أداة oberlo المتاحة ضمن شوبيفاي والتي تتيح إمكانية استيراد المنتجات وصورها مباشرة من البائعين الصينيين من مواقع متل علي اكسبريس مباشرة إلى المتجر الالكتروني.
ويتبقى على التاجر الجديد العمل على اختيار المنتجات المناسبة، العمل على التسويق وبناء علامته التجارية، وعندما يرد طلب جديد من أحد الزوار، يتحول بسهولة إلى المصنع أو البائع الأصلي في الصين ليشحن هو المنتج للزبون النهائي، بينما يأخذ صاحب المتجر عمولته بكل بساطة، هذا النموذج في التجارة الالكترونية كان شبه مستحيل قبل عشر سنين من اليوم.
وبكل هذه الميزات التي قدمتها، سهولة اعدادها، وسعرها الأرخص، بدأت منصة شوبيفاي تسحب البساط من تحت منصات إدارة المتاجر الإلكترونية الأخرى مثل ماجينتو الصعب المراس، ومنصة WooCommerce التي تحتاج إلى الكثير من العمل لتتحمل متاجر كبيرة نوعاً ما.
وعدى عن ذلك بدأت شوبيفاي تشكل خطراً حتى على شركة بحجم أمازون نتيجة اقبال الشركات على فتح متاجرهم عليها، بدلاً من عملها على منصة أمازون، وهنا ستسألني; أليس من الأفضل لصاحب عمل أن يفتح متجره على امازون ويبدأ ببيع منتجاته وتحصيل الأرباح بشكل أسرع من تأسيس متجر جديد ومايرافقه من عمليات لوجستية، وتحصيل الدفعات والشحن وما إلى ذلك؟
سأجيبك أن كلامك صحيح جزئياً، فمع أنه بإمكانك أن تبيع على أمازون، وتستفيد من الترافيك الهائل القادم إلى المنصة، إلا أن ذلك لم يعد جيداً للشركات التي تريد الاستمرار على المدى الطويل، وقد يكون في ذلك عملية قتل بطيئة للعلامة التجارية. ليس فقط لأن الزبون يشتري من أمازون دوت كوم ويصله الشحن من مستودعاتها وبعلبها، وبالتالي لايبقى الكثير لابراز العلامة التجارية الخاصة بالبائع الأصلي، وليس فقط لأن أمازون تمص دم البائعين وتسحب منهم الملايين مقابل “الاعلان داخل المنصة”.
بل لأن أمازون نفسها تراقب حركة المبيعات والبيانات القادمة إلى المنصة، وتترقب أي المنتجات يحقق مبيعات أعلى بكلفة أقل، لتبدأ بعد ذلك بمنافسة البائعين على منصتها وانتاج منتجات مشابهة بأسعار أقل مثلما تفعل في Amazon Basic، وبعد أن يتعب التجار في الانتاج والتجريب والترويج والمخاطرة بعلامتهم التجارية مقابل المزيد من المبيعات، تأتي أمازون لتأخذ هذه المعلومات بكل برود أعصاب لتصنع منتجات مضمونة البيع بأقل كلفة، ولا يهمها إن أفلست جميع الشركات.
فبعد أن عانى التجار من أساليب أمازون الملتوية، وجدوا في منصة مثل شوبيفاي، تقدم لهم الكثير من الأدوات التي كانت متاحة لهم على أمازون مع إمكانية المحافظة على علامتهم التجارية وتقويتها، وجدوا فيها بديلاً ممتازاً، وبكل تأكيد سيبدؤوا بالانتقال إليها، وترك أمازون بشكل جزئي أو تدريجي.
إن لم تكن شركة شوبيفاي تشكل اليوم تهديداً مباشراً لأمازون، فبكل تأكيد ستكون كذلك خلال السنوات القليلة القادمة.
وفي نفس المجال تقريباً، والحديث هنا عن مجال تسهيل بناء الأعمال على الانترنت لأي شخص، بدأت شركة ثانية بالظهور بقوة خلال السنوات الأخيرة، وهي شركة Wix.
عندما تقوم بتشغيل أي فيديو على يوتيوب يتحدث عن موضوع متعلق بمواقع الانترنت، ففي الغالب سيظهر لك اعلاناً مزعجاً بطله أحد المشاهير يشرح لك فيه كيف قام بتصميم موقع انترنت جميل ومتقن خلال دقيقة ونصف من خلال منصة ويكس، وهذا الادعاء دقيق وصحيح، فقد سهلت منصة ويكس إمكانية عمل مواقع الانترنت للأفراد والشركات الناشئة بشكل كبيرة، وبدون الحاجة إلى خبراء مختصين، وفي بعض الأحيان يمكن القيام بذلك مجاناً.
هذا النمط من الخدمات ليس بجديد وموجود منذ سنوات، لكن أحداً لم يتمكن من تقديمها بنفس القوة التي قدمتها ويكس، وغالبية الخدمات التي كانت تتيح إمكانية تصميم موقع انترنت مجاني كانت تقدم قوالب قبيحة وبشعة، ولم تكن بنفس السهولة التي تقدمها ويكس.
كما أن أسعار الترقية للخطط المدفوعة على ويكس رخيصة جداً مقارنة بأسعار خدمات استضافة المواقع المعروفة، وتقدم ميزات مفيدة خاصة لأصحاب المشاريع الناشئة عند بدايتهم.
أضف إلى كل ماسبق الحملة الاعلانية المزعجة التي ستظهر لنا من باب الغسالة بعد قليل.
فبنظرة سريعة على Google Trends نرى أن البحث عن كلمة WordPress بدأ بالانخفاض بشكل ملحوظ منذ 2014، بينما البحث عن كلمة Wix في صعود مستمر.
فيبدو أننا سنرى تغييرات كبيرة في مجال العمل عبر الانترنت خلال العقد الجديد، وسيصبح بإمكان شرائح أكبر من المستخدمين أن يبدؤوا مشاريع الخاصة بسهولة أكبر من خلال المنصات الجديدة سهلة الاستخدام، وسنشهد في نفس الوقت تراجعاً وتلاشياً تدريجياً لشركات ومنصات ظهرت بداية الألفية لكن يبدو أنها لم تكن مواكبة بالسرعة المطلوبة.