كان أحمد معي بنفس الصف من الثاني وحتى الخامس أو السادس، ويمكن أهله وقتها خلوه يترك المدرسة، كان طويل كتير، ومشان هيك على طول يقعدوه بالمقعد الاخير او قبل الاخير.
كان يشتغل بمحل بتصليح الكمبيوتر والشاشات، ما كان بيعرف يصلح بإيده، بس قرايبه صاحب المحل كان أحسن شخص بيصلح على مستوى المنطقة وبراهن أنه على مستوى حلب، لأنه كان في محلات من السريان والعزيزية والجميلية والشيخ مقصود يجيبو أجهزة لعندو مشان يصلحها ويرجعو يحطو عليها كومسيون.
فلذلك كنت حب على طول روح افتح مع العم أحاديث ونقاشات تقنية كنت يائس انو افتحها مع حدا، بس كان ما يجي عالمحل للساعة ٤العصر.
فكنت روح لاقي احمد فاتح المحل وقاعد عم يتسمع على mp3 وبعدين تطور وصار عنده mp4 بشاشة مربعة صغيرة وبتعرض ٤ الوان بس، نفس تلفزيون بيت عمتي وردة القديم، وهي كانت آخر مرة بشوف فيها أحمد بحياتي كلها.
بعد فترة أحمد ترك الشغل مع عمه، يمكن اشتغل مع أبوه بالفرن لفترة، وبعدين.. وقع المحظور.
أحمد ما كان بده يروح عالعسكرية، خاصة بعد ٢٠١١ لما بلشت تتعقد الأمور، وتطلع الأخبار عن انو مابقا في تسريح، ولما بلشت مظاهر”الحرب” تظهر أكتر.
كان يترجى أبوه انه ما بده يروح عالعسكرية وكان يبكي ويجيب أعمامه واسطات.
ما كان بده اكتر من انه يضل يشتغل بالفرن، أو بلكي يرجع على محل التلفزيونات، أو يعمل أي شي تاني بالحياة، أو ممكن حتى يرجع يكمل دراسة، بس أبوه كان مُصر أنه يبعته مشان “يخدم الوطن”.
فرزوه ع الرقة، وكانت وقتها ذروة صعود داعش، يلي أسروه، وبعدين طلعوه “مرتد” و “شبيح” وفي النهاية قتلوه. الخبر يلي اجا انه كان مع كتيبة كاملة، وما ضل منهم ولا مخبر.
لحد الآن ما حدا بيعرف شو الطريقة يلي قتلوه فيها، ولا وين جثته، ولا شو كان شعوره بالدقائق الأخيرة، وبشو كان عم يفكر..
مستحيل اتخيل هالصبي يفكر بأي شيء غير الطيبة واللطف، ما كنت بعرفه غير مبتسم، وبيحب المزح والتنكيت، ولا مرة شفته عابس حتى لما يكون لحاله بالمحل.
هل يا ترى كانت هي أول مرة بيموت فيها أحمد؟
هل الدواعش هنن أول مين قتله؟
الله يرحمك يا صديقي